«الحجر بن الهنو وسلامان ميدعان تعقيب وتصويب»
وسلامان ميدعان
تعقيب وتصويب
أطلعت على المنشور من مؤلفات الدكتور عمر بن غرامة العمروي، ومن ضمنها كتاب "قبائل إقليم عسير"، وأطلعت أيضاً على رد الأستاذ مسفر بن محمد الشرافي، وتعقيباته على كتاب الدكتور، والتي نشرها في "مجلة العرب" و"صحيفة الرياض"، وكنت قد استمعت وقرأت فيما مضى، إلى كثير من التعقيبات والتعليقات الهامة، التي تصب في مصلحة البحث العلمي، وتُصحح بعض الأخطاء والأوهام، فقمت بتسجيلها وتفنيد بعضها والزيادة عليها، بعد رجوعي إلى كثير من المصادر والمراجع المطبوعة والمخطوطة، كما ألفت انتباه القارئ الكريم، أن ضيق الوقت وطول العمل وقلة الزاد، جميعها منعتني من الإطالة في الشرح، وأجبرتني على الاختصار والتسهيل، كما أني لست في صدد شرح أو تفنيد كل ما كتبه الدكتور عمر أو الأستاذ مسفر، ولذلك اكتفيت بتوضيح وتصحيح بعض النقاط الفيصلية دون غيرها.
أولاً: وهم الكثير في تحديد "حجر الأزد"، حتى ظن البعض أن المقصود به "الحجر بن عمران" دون غيره! والصحيح أن هناك أيضاً من أبناء "الأزد"، من يدخل في "حجر الأزد" وهو "الحجر بن الهنوء بن الأزد"، قال ابن الكلبي (المتوفى: 204هـ): ((ولد الهنو بن الأزد.. الحَجْر بطن))[جمهرة النسب، ص257؛ ونسب معد، ص188] وقال الهمداني (المتوفى: 334هـ تقريباً): ((سراة الحجر بن الهنو بن الأزد ومدنها الجهوة ومنها تنومة والشرع من باحان.. )) [صفة جزيرة العرب، ص231]، وقد وجدت أن الرشاطي الأندلسي (المتوفى: 542هـ) فرق بينهما.
ومما ينبغي الإشارة إليه وتوضيحه عن قبائل "رجال الحجر" الحالية، أن ابن الكلبي النسابة ذكر من أبناء "ربيعة بن الاواس بن الحجر بن الهنوء بن الأزد" الأخوين "شهراً" و "عمراً"، وأتى من بعده الحسن الهمداني وأبو علي الهجري (المتوفى: 300هـ تقريباً)، فذكرا "شهراً" مرة أخرى بصورة أوسع، خاصةً عند لسان اليمن الهمداني، ودون ذكر لأخيه "عمرو"! كما أضاف لنا الهمداني في كتابه "صفة جزيرة العرب" اسم "الأسمر"، كأول ظهور له في القرن الرابع الهجري، وحسب اطلاعي لم أجد من ذكرهم غيره، ويعود السبب في ذلك أن الهمداني مر ببلاد الحجر.
وكما هو معلوم أن ابن الكلبي والهمداني والهجري، عاشوا جميعاً في القرون الهجرية الأولى، وهذا يدل على قدم هذه القبائل، وإن لم تكن قد تشكلت بصورة مستقلة كما هو الآن إلا في قرون متأخرة.
ثانياً: خلط الكثير بين أعلام "الحجر بن الهنوء" و "الحجر بن عمران"، وللتفريق بينهما ينبغي معرفة الآتي:
أ) قبل ظهور الإسلام كان أغلب "الحجر بن عمران" يسكنون بلاد عُمان، وفي ذلك يقول الصحاري العوتبي (المتوفى: ق5 تقريباً): ((أول من خرج من الأزد إلى عمان، ولحق مالك بن فهم، عمران ابن عمرو بن عامر ماء السماء.. وخرج معه أبناه الحجر والأسد)) [الأنساب، ص2/711]؛ وكان من أعلامهم في العصر الجاهلي، الشاعران المطرب بن مالك بن عنزة بن هداد بن زيد مناة بن الحجر، وابن عمه هداد بن عمرو، ولهما قصة ذكرها الهمداني في إكليله.
أما "الحجر بن الهنوء" فقد كان أغلبهم يسكنون بلاد السراة الواقعة بين مكة وصنعاء، قال الهمداني: ((أما من سكن السروات فالحجر بن الهنوء)) [صفة جزيرة العرب، ص330]، ومن أعلامهم في العصر الجاهلي، مالك بن الملبد بن الأدرم بن الحارث بن ربيعة بن الاواس الحجري الأزدي، وابنه الشاعر الفتاك الشنفرى بن مالك الأزدي، صاحب "لامية العرب".
ب) بعد الفتوحات الإسلامية انتقل أغلب "الحجر بن عمران" إلى بلاد العراق، قال ابن دريد (المتوفى: 312هـ): ((من ﺭﺟﺎﻝ ﺍﻟﺤﺠﺮ ﺑﻦ ﻋﻤﺮﺍﻥ.. ﺳﻮﺩ.. [منهم] طاحية بن سود وزياد وعلي وعبدالله وإياد.. ومنهم ﺑﻨﻮ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ سود، ﻟﻬﻢ ﺧﻄﺔ بالبصرة وحوض)) [الاشتقاق، ص484]، وقال السمعاني (المتوفى: 562هـ): ((طاحية وهي محلة بالبصرة هكذا ذكر لي شيخنا أبو محمد جابر بن محمد الأنصاري الحافظ في البصرة، قلت: وطاحية قبيلة من الأزد نزلت هذه المحلة فنسبت إليهم ..[منهم] نافع بن خالد)) [الأنساب، ج8/ص169].
وأما هجرات قبائل "الحجر بن الهنوء"، فقد خرج جزء كبير منهم بعد فتوحات الشام، إلى الجهات الغربية من جزيرة العرب، وكانت أغلب خططهم في بلاد مصر، قال ابن عبدالحكم (المتوفى: 257هـ) في خطط الجيزة: ((ﻃﺎﺋﻔﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺠﺮ، ﻣﻨﻬﻢ [الصحابي] ﻋﻠﻘﻤﺔ ﺑﻦ ﺟﻨﺎﺩﺓ ﺃﺣﺪ ﺑﻨﻰ ﻣﺎﻟﻚ ﺑﻦ ﺍﻟﺤﺠﺮ)) [فتوح مصر والمغرب، ص176]، وقال ابن دقماق (المتوفى: 809هـ): ((لما رجع [عمرو بن العاص] من الإسكندرية ونزل الفسطاط جعل طائفة من جيشه بالجيزة خوفاً من عدو يغشاهم.. وجعل فيها طائفة من الأزديين من الحجر بن الهنو بن الأزد)) [الانتصار، ج4/ص126].
ج) مما سبق يتضح أن أغلب أعلام "حجر الأزد" في مصر، هم من "الحجر بن الهنوء بن الأزد"، ومما يزيد اليقين في ذلك، ذكر مؤرخي مصر بعضاً من بطونهم، والتي دونتها كتب الأنساب، ولعل أشهرها:
1-"بنو مالك"، وكان استقرارهم في مدينة الجيزة، وكان منهم أحد مؤسسيها، قال ابن عبدالحكم فيمن اختط بالجيزة: ((طائفة من الحجر منهم [الصحابي] ﻋﻠﻘﻤﺔ ﺑﻦ ﺟﻨﺎﺩﺓ ﺃﺣﺪ بني مالك بن الحجر)) [فتوح مصر والمغرب، ص176]، و اسم "مالك" ذكره ابن الكلبي والهمداني في مواضع مختلفة، فمنهم "مالك بن كعب" و"مالك بن الاواس"، و"مالك بن شهر"... إلخ، وذكر الصحاري العوتبي: ((من الاوس بن حجر: علقمة بن حياد...)) [الأنساب، ص2/517]، ولا نعلم هل يقصد الصحابي أم غيره! والصحيح في "الأوس" كما عند ابن الكلبي وغيره "الاواس"، وهناك أيضاً "مالك بن ربيعة بن الاواس"، وجميعهم يعودون نسباً إلى "الحجر بن الهنوء".
2-"بنو عامر"، ذكرهم ابن يونس (المتوفى: 347هـ) في تاريخه، وذكر أحد رؤسائهم الفاتحين وهو: (([الصحابي] عبيدة بن عبدالله الأزدي الحجري من بني عامر بن الحجر شهد فتح مصر)) [تاريخ المصريين، ج1/ص334]، وقال الهمداني في كتابه الجغرافي أن: ((الأشجان قرية كبيرة ليس في السراة قرية أكبر منها بعد الجهوة سكانها بنو عبد من بني عامر بن الحجر)) [صفة جزيرة العرب، ص234]، وكان لهم ذكر استمر حتى القرن الخامس الهجري، وكان من أعلامهم التابعين: سعيد بن بشر بن مروان، روى عنه الطحاوي الحجري، و عبدالغني بن سعيد الأزدي الحجري العامري وغيرهم، وفي قبائل "بنو شهر" حالياً يوجد قبيل ضخم يسمون بـ "العوامر"، ما زال أغلبهم في مواقعهم التي ذكرها الهمداني، وهم على قسمين عوامر السراة، وعوامر تهامة الذين قال عنهم الهمداني: ((خاط وسكانه بنو عامر الغورية من الحجر)) [صفة جزيرة العرب، ص335]، وحالياً يسكن أهل السراة قرى الظهارة ونحيان ونشجان ومليح ووادي الغر وغيرها، وفي تهامة يسكنون قرى خاط، وهناك من الباحثين من أضاف إليهم أثرب وثربان، وقد خالفهم بعض الباحثين في ثربان -سيأتي ذكرهم في سلامان-، والمؤكد أن بين هذه القبائل تحالفات سارية مفعولها إلى وقتنا الحاضر، ومعلوم أن الحلف في بعض الأحيان يطغى على النسب!
3-"بنو كعب"، ذكرهم المقريزي (المتوفى: 845هـ) في خططه حيث قال: ((واختط بنو كعب بن مالك بن الحجر بن الهنو بن الأزد فيما بين بكيل ويافع)) [المواعظ والاعتبار، طبعة دار الكتب، ج1/ص381]، والصحيح كما عند النسابة ابن الكلبي أنهم: "بنو مالك بن كعب بن الحجر"، وبحسب ما ذكر أيضاً أن لـ "مالك بن كعب" عدد من الأبناء منتشرون في بلاد الحجر، تمتد منازلهم من تنومة إلى بلاد "بللحمر" تقريباً، كما أن هناك حالياً في "بني عمرو" قبيلة اسمها كعب، وأهلها يسكنون في صدرأيد وعاكسة وغيرها.
د) قديماً كان أغلب أعلام "الحجر بن الهنوء" ينتهي نسبهم بـ "الحجري"، إما قبل "الأزدي" أو بعده، بمعنى أنهم ومنذ العصر الجاهلي وإلى عهدنا الحاضر، ما زالوا ينسبون أنفسهم إليه، ويسمون في وقتنا الحاضر "رجال الحجر"، وقد نقل لنا أبو الفرج الأصفهاني (المتوفى: 356هـ) [الأغاني، ج21/ص118] تفاخر الشاعر الجاهلي الشنفرى بقبيلته، حينما خاطب فتاة "بني سلامان بن مفرج" قائلاً:
أنا ابن خيار الحجر بيتاً ومنصباً
وأمي ابنة الأحرار لو تعرفينها
وعكس ذلك إخوانهم "الحجر بن عمران"، وقد ذكر ابن حجر العسقلاني (المتوفى: 852هـ) في كتابه اسم أحد الصحابة العمانيين، ونسبه إلى "الطاحي" دون "الحجري"، حيث قال: ((بريح بن أسد الطاحي، من أهل عمان، هاجر إلى النبي صل الله عليه وسلم فوجده قد مات)) [الإصابة في تمييز الصحابة، ج1/ص640]، ومعلوم أن "طاحية" يرجعون في نسبهم إلى "سود بن الحجر بن عمران"، أي أن حجر جد لطاحية! [جمهرة النسب، د.علي عمر، ص268]، وقد وجدت في وقتنا الحاضر، قبيلة عمانية تضيف إلى نسبها الأخير "الحجري"، وهم بحسب ما ذكر السيابي العماني أنهم من الأزد، ومنازلهم في واحة بدية.
ثالثاً: بناءً على ما تقدم، نستطيع القول أن العالم الجليل والمحدث الفقيه، أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي الحجري الأزدي (المتوفى: 321ه)، المشهور بالعقيدة الطحاوية، علم من أعلام "الحجر بن الهنوء بن الأزد"، وفي ذلك يقول المحدث عبدالغني بن سعيد العامري الحجري الأزدي (المتوفى: 409هـ): ((من حجر الأزد: أبو عثمان سعيد بن بشر بن مروان بن عبدالعزيز بن مروان الأزدي الحجري ثم العامري..)) إلى أن قال: ((وأبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي الأزدي الحجري الفقيه)) [مشتبه النسبة، ص79]، والحافظ عبد الغني بن سعيد من أوائل من صنف في علم المؤتلف والمختلف في أسماء الرواة وأنسابهم، ويعتبر أستاذاً في هذا الفن.
رابعاً: يعتبر "سلامان" "بنو شهر" أحد أهم قسمي القبيلة في وقتنا الحاضر، ويقابله في الطرف الآخر حلف "بنو أثلة"، وقد استطاع الساسة في أزمنة مختلفة استخدام عصبية "السلامانية والأثلية" في تأجيج الفتن والتعصبات الجاهلية فيما بينهم، حتى وصل الأمر أن تجد في القبيلة والبطن الواحد السلامي! والأثلي! رغم أنهم في حقيقة الأمر إخوان من نسب واحد! وللتوضح أكثر، وعلى سبيل المثال: قبيلتي دحيم وبلحصين من العوامر، انقسموا فيما بينهم "دحيم" مع حلف "سلامان" و "بلحصين" في حلف "بنو أثلة"! هذا بالرغم أن كلاهما من "بنو عبد بن عامر بن الحجر بن الهنوء" نسباً، أي أنه يعتبر لو جاز الأمر أن يكون جد لـ "أثلة بن نصر بن ربيعة بن الاواس"، وكما ترى فإن "سلامان" و "أثلة" بدأت بتعصبات نسبية، وأصبحت تحالفات حزبية! لامست نيرانها باقي قبائل "رجال الحجر".
وعوداً على "سلامان" نقول: أن "سلامان" "بنو شهر"، ليسوا من "سلامان قضاعة" ولا من "سلامان زهران" والراجح الصحيح أنهم من "سلامان ميدعان"، هذا القبيل الذي وهم به كثير من الباحثين! وحق لهم هذا!
أما نسب "سلامان ميدعان"، فقد قال ابن الكلبي عن "ميدعان": ((ولد نصر بن الأزد، مالكاً فولد.. ميدعان)) [جمهرة النسب، د.علي عمر، ص299]، وأما عن "سلامان" فقد ذكر أبو الفرج الأصفهاني أن: ((بنو سلامان بن مفرج بن عوف بن ميدعان بن مالك بن الأزد)) [الأغاني، ج21/ص128]، وأتى من بعده العوتبي الصحاري وقال: ((ولد ميدعان.. عوف بن ميدعان.. وولد عوف مفرج... فولد مفرج.. سلامان، وهم رهط عبدالملك بن أبي الكنود)) [الأنساب، ص662 و663]، وقد توسع في ذكر أبناء "ميدعان" وكذلك في أبناء "سلامان"، وكما ترى فإن "سلامان ميدعان" لم تخفى على بعض النسابة، والأمر لم يتوقف عند هذا القدر، بل جاء نسبهم وتاريخهم مفصلاً على لسان أحد الشعراء الجاهليين، فقد نقل لنا ابن ميمون البغدادي (المتوفى: 597هـ) في كتابه [منتهى الطلب، ج8/ص289] قصيدة الشاعر الجاهلي: عبيد بن عبد العزى السلامي، يذكر فيها نسب قبيلته "سلامان بن مفرج" إلى "ميدعان" ويذكر بعضاً من أخبارها حيث قال:
سلامان إن المجد فينا عمارة
على الخلق الذاكي الذي لم يكدر
بقية مجد الأول الأول الذي
بني ميدعان ثم لم يتغير
وقال أيضاً [ج8/ص292] :
بنو مفرج أهل المكارم والعلى
وأهل القباب والسوام المعكر
وقال متفاخراً بقتل "سلامان"، للشاعر الجاهلي الشنفرى [ج8/ص292]:
ونحن قتلنا بالنواصف شنفرى
حديد السلاح مقبلا غير مدبر
ولعل ما قاله الشاعر فيما سلف، يكشف لنا أوهام بعض الباحثين وأخطائهم! لأن القصيدة بما فيها من تفاصيل، دليل دامغ يؤكد وجود "سلامان ميدعان"، فمن أخبارهم القاطعة إثبات قتلهم الشنفرى! ذاك الشاعر الصعلوك، الذي نذر أن يقتل منهم مائة نفس جزاء أفعالهم به، فأكثر الغارات فيهم حتى اغتيل دون اتمامه المائة، وشاء الله أن يأتي رجل من "سلامان"، كان قد فاته مقتل الشنفرى، فركل جمجمته المتهشمة، فأصابت قدمه عظمة، مات على إثرها، فتم به المائة! والقصة مشهورة معلومة، نقلتها لنا كتب التراث الإسلامي.
خامساً: قبل الإسلام كان أغلب قبائل "ميدعان" يسكنون السراة، قال العوتبي الصحاري: ((وميدعان كلهم بالسراة، ليس منهم أحد في عمان)) [الأنساب، ص231]، رغم أن هناك إشارات من العوتبي الصحاري نفسه، تدل على تواجد بعضهم في غير السراة! أضف إلى ذلك أن الهمداني أثناء رحلته في السراة، لم يذكر من أبناء "ميدعان" حسب ترجيحنا إلا "سلامان بن مفرج" والهمداني متقدم عن العوتبي!
وأما هجراتهم بعد ظهور الإسلام، فقد اتجه جزء كبير منهم إلى مصر، مثل إخوانهم "الحجر بن الهنوء"، وفي ذلك يقول ابن عبدالحكم: ((كان في غزوة عبدالله ابن سعد سبعمائة[مقاتل]،[من] ميدعان من الأزد)) [فتوح مصر والمغرب، ص211]، وكان رئيس قبائل "سلامان ميدعان" هو كما ذكره ابن يونس الصحابي: ((سعد بن مالك بن الأقيصر بن مالك بن قريع بن ذهل بن الدّئل بن مالك بن سلامان بن ميدعان بن كعب بن مالك بن الأزد... وفد على النبي صلى الله عليه وسلم ، وعقد له راية على قومه سوداء، فيها هلال أبيض وشهد فتح مصر، وله بها عقب روى عنه ابنه الأشيم بن أبى الكنود.)) [تاريخ المصريين، ج1/ ص201و202]، وكان من أعلامهم في العصر الجاهلي قريع بن ذهل، والذي من أحفاده الصحابي سعد بن مالك الأزدي، ومما ينبغي الإشارة إليه هنا، أنه يوجد في قبائل ثربان "بنو شهر"، بطن كبير يسمى "قريع"، رجح أحد الباحثين أنهم من ذرية قريع بن ذهل الجاهلي، وهم ما زالوا في حلف "سلامان" إلى وقتنا الحاضر، علماً أن تعداد قبائل ثربان يشكل ربع تعداد قبائل بنو شهر تهامة، وتقع منازلهم على قمم جبل ثربان في تهامة.
سادساً: أما اسم "شنوءة" فقد اختلف العلماء في تحديده، فمنهم من قال أنهم أبناء "مالك بن نصر بن الأزد" وهو الأشهر، وفي ذلك يقول القلقشندي (المتوفى: 821هـ): ((شنوءة لقب لنصر غلب على بنيه)) [صبح الأعشى، ج1/ ص370]، وفي الجانب الآخر هناك من قال أنه موضع بالسراة، قال الطبري (المتوفى: 310هـ): ((بعث عثمان بن أبي العاص بعثا إلى شنوءة وقد تجمعت بها جماع من الأزد وبجيلة وخثعم)) [تاريخ الرسل والملوك، ج3/ ص320]، وحدد البعض أنه اسم لجبل في السراة، وقد نقل لنا المخلص البغدادي (المتوفى: 393هـ) في كتابه أن: ((أزد شنوءة ليس نسب إنما شنوءة جبل)) [المخلصيات، ج2/ ص42]، وفي ذلك ينقل لنا الشيخ حمد الجاسر، قول الشيخ عبدالرحمن بن حاقان -رحمهما الله جميعاً-، من أن ((شنوءة.. اسم جبل لا يزال معروفاً في بلاد عسير)) [في سراة غامد وزهران، ص210]، وبذلك نستطيع القول أن تراجم الأعلام قد تختلف من مؤلف إلى آخر، نظراً لاختلاف المفاهيم بينهم في اسم "شنوءة".
ختاماً: لا يسعنا إلا تقديم الشكر الجزيل لكل من: الدكتور محمد بن ظافر آل عساف، والدكتور صالح بن علي أبو عراد، والأستاذ أحمد بن عائض الحسيني، والدكتور زهير بن عبدالله عبدالكريم، على ما قاموا به من خدمات ومعلومات، وهم من أهل السبق والفضل علينا، وبهذا نكون قد انتهينا من التعقيبات والتعليقات، التي اقتبسناها من كتابنا المخطوط "نشوة النصر في أخبار رجال الحجر"، وللموضوع بقية بمشيئة الله، ﴿وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ﴾ [يوسف: 76]، ﴿وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً﴾ [الإسراء: 85]، هذا ونسأل المولى الأجر والثواب.
كتبه/
أبي سيف، محمد بن علي آل مسلّم
1437هـ

تعليقات